الإعراب:
أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا بَشَرٌ مبتدأ، وإنما قال: يَهْدُونَنا الذي هو الخبر لأنه كنى به عن بَشَرٌ، وبَشَرٌ يصلح للجمع كما يصلح للواحد، والمراد به هنا الجمع، مثل قوله تعالى: ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا [يس ٣٦/ ١٥]. ولو أراد الواحد لقال: «يهدينا» كما في آية:
فَقالُوا: أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ [القمر ٥٤/ ٢٤].
زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا زَعَمَ: فعل يتعدى إلى مفعولين، وجملة: أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا سدت مسد المفعولين، لما فيها من ذكر الحديث والمحدث عنه، كقوله تعالى:
أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا [العنكبوت ٢٩/ ٢]. وأَنْ: مخففة من (أنّ) واسمها محذوف، أي أنهم.
المفردات اللغوية:
أَلَمْ يَأْتِكُمْ أيها الكفار، والاستفهام للتعجيب من أمرهم. نَبَأُ خبر مهم. الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ كقوم نوح وهود وصالح عليهم السلام. فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ عقوبة وضرر كفرهم في الدنيا أو عاقبته، وأصل الوبال: الثقل، ومنه طعام وبيل، أي ثقيل على المعدة، والوابل: المطر الثقيل، ثم أطلق على الضرر الذي يصيب الإنسان، لأنه يثقل عليه، وأَمْرِهِمْ كفرهم، إشارة إلى أنه أمر عظيم خطير. وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أي لهم في الآخرة عذاب مؤلم.
ذلِكَ أي المذكور من الوبال وعذاب الدنيا. بِأَنَّهُ أي بسبب أنه، والهاء: ضمير الشأن، أي بسبب أن الشأن. بِالْبَيِّناتِ بالمعجزات والحجج الظاهرات على الإيمان. أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا المراد به جنس البشر، أنكروا وتعجبوا أن يكون الرسول بشرا، والبشر: يطلق على الواحد والجمع. فَكَفَرُوا بالرسل. وَتَوَلَّوْا أعرضوا عن الإيمان والتدبر في البينات.
وَاسْتَغْنَى اللَّهُ أظهر غناه عن كل شيء، ومنه طاعتهم وإيمانهم إذ أهلكهم. وَاللَّهُ غَنِيٌّ عن خلقه وعن عبادتهم وغيرها. حَمِيدٌ محمود في أفعاله ويحمده كل مخلوق. بَلى أي تبعثون وهي كلمة جواب تقع بعد النفي للإثبات. وَرَبِّي قسم، أكد به الجواب. لَتُبْعَثُنَّ لتخرجن من قبوركم أحياء وتحاسبن وتجزون بأعمالكم. ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ لتخبرن بأعمالكم بالمحاسبة والجزاء. وَذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لقدرته التامة وقبول المادة ما أراد.
المناسبة:
بعد بيان أدلة وجود الله تعالى وقدرته وآثاره في الكون، حذر مشركي مكة من الكفر وإنكار الألوهية: الَّذِينَ كَفَرُوا وإنكار النبوة: أَبَشَرٌ