وأخرج ابن مردويه والخطيب عن ابن عباس قال: «جاء عوف بن مالك الأشجعي، فقال: يا رسول الله، إن ابني أسره العدو، وجزعت أمه، فما تأمرني؟ قال: آمرك وإياها أن تستكثروا من: لا حول ولا قوة إلا بالله فقالت المرأة: نعم ما أمرك، فجعلا يكثران منها، فتغفل عنه العدو، فاستاق غنمهم، فجاء بها إلى أبيه، فنزلت: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً».
التفسير والبيان:
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ، فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ: أي يا أيها الرسول والمؤمنون به إذا أردتم تطليق النساء وعزمتم عليه، فطلقوهن مستقبلات لعدتهن أو قبل وقت عدتهن. والمراد الأمر بالطلاق في طهر لم يقع فيه جماع، والنهي عن إيقاعه في الحيض، كما وردت السنة الصريحة بذلك في حديث ابن عمر المتقدم.
وإنما كان النداء خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم، والخطاب بالحكم عاما له ولأمته، تكريما له صلى الله عليه وسلم، وإظهارا لجلالة منصبه، كما يقال لرئيس القوم، أو قائد الجند: يا فلان، افعلوا كذا وكذا، إظهارا لمقامه فيهم، وكونه القائد المسؤول عن التوجيه.
والآية دليل على حرمة الطلاق في الحيض، وذكر الفقهاء أن الطلاق أنواع ثلاثة «١» : طلاق سني، وطلاق بدعي «٢»، وطلاق ليس بسني ولا بدعي، أما الطلاق السني: فهو الطلاق في طهر لإجماع فيه، أو أثناء حمل قد استبان. وأما

(١) تفسير ابن كثير: ٤/ ٣٧٨
(٢) سمي طلاق السنة لاتفاقه مع تقدير القرآن والسنة، وسمي طلاق البدعة للزيادة على الأقراء الثلاثة، لأنها إذا طلقت وهي حائض لم تحسب حيضتها، بل تزيد على ثلاثة أقراء فتطول العدة عليها.


الصفحة التالية
Icon