وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه عن ابن مسعود أنه قال: من شاء لاعنته أن الآية التي في النساء القصرى: وَأُولاتُ الْأَحْمالِ الآية، نزلت بعد الآية التي في سورة البقرة [٢٣٤] بكذا وكذا شهرا.
وقال علي وابن عباس رضي الله عنهما: تعتد الحامل المتوفى عنها زوجها بأبعد الأجلين من وضع الحمل، والأشهر أي أربعة أشهر وعشر، عملا بهذه الآية والتي في سورة البقرة.
وهذا في الواقع جمع بين المدتين، وليس جمعا بين النصين ولا إعمالا لعموم كل منهما في مقتضاه، فإننا إذا حكمنا بعدم انتهاء العدة على من وضعت حملها قبل أربعة أشهر وعشر، كان ذلك إهدارا لمقتضى الحصر والتوقيت في قوله تعالى:
وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ. وكذلك إذا حكمنا بعدم انتهاء العدة على من مضى عليها أربعة أشهر وعشر، ولم تضع حملها، كان ذلك إهدارا لمقتضى الحصر والتوقيت في قوله تعالى: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً.
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً أي ومن يخف الله ويرهب عقابه، فيأتمر بما أمر الله به، وينته عما نهى عنه، يسهّل عليه أمره كله في الدنيا والآخرة. وهذا تنويه بفضيلة التقوى في الدنيا والآخرة.
ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ، وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً أي جميع الأحكام المتقدمة في الطلاق والعدة والسكنى هو أمر الله الذي أمر به عباده، وأنزله إليهم في قرآنه، ومن يخف الله، بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه، يمح عنه ذنوبه من صحائف أعماله، ولا يؤاخذه بها، كما وعد بذلك في قوله: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ [هود ١١/ ١١٤] ويضاعف له جزاء