وذهب الشافعية إلى أن حكم الفيء والغنيمة واحد، فيخمس الفيء قياسا على الغنيمة التي ثبت التخميس فيها بالنص القرآني: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ بجامع أن كلّا منهما مال الكفار استولى عليه المسلمون، وأما اختلاف سبب الاستيلاء بالقتال وغيره، فلا تأثير له، فعلى الإمام قسمة العقار، ومن طاب نفسا عن حقه، فللإمام أن يجعله وقفا على المسلمين.
وتقسم الغنيمة في رأي الشافعية والحنابلة على خمسة أسهم، أولها- سهم المصالح (سهم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم) أي يصرف لمصالح المسلمين العامة كالثغور وقضاة البلاد وعلماء الشرع والأئمة والمؤذنين ولو أغنياء ونحوهم وثانيها- سهم ذوي القربى وهم بنو هاشم من أولاد فاطمة وغيرها، وثلاثة أسهم أخرى إلى ما نص الله عليهم.
٤- علة قسمة الفيء: إن تقسيم الفيء على النحو السابق كيلا يختص به الأغنياء، كما كانوا يستأثرون بالغنيمة، وكانوا يغترون به، وبذلك قضى الإسلام على الطبقية وتجمع الثروة في يد فئة قليلة، وحرمان الأكثرية من سيولة المال.
٥- قوله تعالى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ... دليل واضح على وجوب امتثال جميع أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم، واجتناب جميع نواهيه، فإنه لا يأمر إلا بصلاح، ولا ينهى إلا عن فساد.
وقد استدل الصحابة كابن مسعود وغيره بتحريم أشياء عملا بنهي النبي ﷺ عنها، كتحريم الوشم والتنمص (نتف شعر الوجه) وتفليج الأسنان، وجواز قتل الزّنبور في الإحرام، اقتداء فيه بعمر الذي أمر النبي ﷺ بالاقتداء به في
قوله: «اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر»
وأمر الله سبحانه بقبول قول النبي صلى الله عليه وسلم. ويؤكده
قوله صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه ابن ماجه عن أبي هريرة-: «ما أمرتكم به فخذوه، وما نهيتكم عنه فانتهوا».


الصفحة التالية
Icon