ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا الجار والمجرور في موضع نصب، متعلق ب يَعُودُونَ وما:
مصدرية، أي يعودون لقولهم، والمصدر في موضع المفعول، كقولك: هذا الثوب نسج اليمن، أي منسوجة، ومعناه: يعودون للإمساك المقول فيه الظهار ولا يطلّق الزوج.
وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ.. فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ الَّذِينَ: مبتدأ، وتحرير: مبتدأ ثان خبره محذوف أي فعليهم تحرير رقبة، والجملة خبر المبتدأ الأول.
البلاغة:
قَدْ سَمِعَ السماع هنا مجاز عن القبول والإجابة بعلاقة السببية.
سَمِيعٌ بَصِيرٌ غَفُورٌ خَبِيرٌ أَلِيمٌ صيغ مبالغة.
ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ، إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إطناب بذكر الأمهات، لزيادة التقرير والبيان.
المفردات اللغوية:
سَمِعَ اللَّهُ أجاب وقبل، كما في التسميع: «سمع الله لمن حمده» أي أجابه. الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها تراجعك الكلام أيها النبي في أمرها وأمر زوجها الذي ظاهر منها، وهي خولة بنت ثعلبة بن مالك الخزرجية، زوجة أوس بن الصامت أخي عبادة، وكان قد ظاهر منها قائلا:
أنت علي كظهر أمي، فاستفتت النبي صلى الله عليه وسلم،
فقال تأثرا بالعرف: حرمت عليه
، لأن الظهار كان عند العرب موجبا حرمة مؤبدة، فقالت: ما طلقني، فقال: حرمت عليه، فاغتمت لصغر أولادها، وشكت إلى الله تعالى، فنزلت هذه الآيات الأربع. وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ تبث شكواها وغمها وهمها إلى الله، متوقعة أن الله يسمع مجادلتها وشكواها، ويفرج عنها كربها. وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما تراجعكما الكلام، بطريق تغليب الخطاب. إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ للأقوال والأحوال، وهذا يدل على إثبات صفتي السمع والبصر لله تعالى.
الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ الذين يقولون لنسائهم مثلا: أنت علي كظهر أمي، أي في الحرمة، وكالأم سائر المحارم، وقد كان هذا أشد طلاق في الجاهلية. والظهار: تشبيه المرأة أو عضو منها بأحد محارمه نسبا أو رضاعا أو مصاهرة بقصد التحريم، وقوله: مِنْكُمْ تهجين لعادتهم فيه، فإنه كان من أيمان الجاهلية. إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ أي ما أمهاتهم إلا اللاتي ولدن الأولاد، فلا تشبه بالمحارم في الحرمة إلا من ألحقها الله بهن، كالمرضعات وأزواج الرسول صلى الله عليه وسلم.
وَإِنَّهُمْ أي بالظهار. لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ أي قولا منكرا أنكره الشرع، والمنكر:
كل ما استقبحه الشرع والعقل والطبع. وَزُوراً كذبا وبهتانا، فإن الزوجة لا تشبه بالأم.


الصفحة التالية
Icon