المناسبة:
بعد بيان أوصاف يوم القيامة الرهيبة، نبّه الله تعالى إلى طبائع البشر واتصافهم بالهلع والجزع والمنع التي تجمع أصول الأخلاق الذميمة، ثم استثنى المؤمنين الذين يعملون صالح الأعمال، ويتصفون بصفات عشر لعلاج أمراض النفس البشرية، وليكونوا قدوة للإنسانية ومثلا أعلى يحتذي به.
التفسير والبيان:
إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً، إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً، وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً أي إن الإنسان جبل على الضجر أو الهلع: وهو شدة الحرص، وقلة الصبر، فلا يصبر على بلاء، ولا يشكر على نعماء، وفسّر ذلك بأنه إذا أصابه الفقر والحاجة أو المرض أو نحو ذلك من الضّر، فهو كثير الجزع أو الحزن والشكوى، وإذا أصابه الخير من الغنى والسعة أو المنصب والجاه أو القوة والصحة ونحو ذلك من النعم، فهو كثير المنع والإمساك والبخل على غيره.
روى الإمام أحمد وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «شرّ ما في رجل: شحّ هالع، وجبن خالع».
ثم استثنى الله تعالى من اتصف بالصفات العشر التالية، وهي:
١- ٢: أداء الصلاة والمواظبة عليها: إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ أي إن الناس يتصفون بصفات الذّم إلا الموفقين المهديين إلى الخير، وهم الذين يؤدون صلاتهم، ويحافظون على أوقاتها وواجباتها، فلا يتركونها في شيء من الأوقات، ولا يشغلهم عنها شاغل، ولا يخلون بشيء من فرائضها وسننها، ويتمثلون حقيقتها من الصلة بالله والسكون والخشوع، فهؤلاء ليسوا على تلك الصفات من الهلع والجزع والمنع، وإنما بإيمانهم وكون دين الحق في نفوسهم على صفات محمودة وخلال مرضية.