قالَ: يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ قال نوح لقومه: إني منذر من عقاب الله ومخوّف لكم، بيّن الإنذار، واضح الاعلام، أبيّن لكم ما فيه نجاتكم، ومضمون الإنذار:
أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ، وَاتَّقُوهُ، وَأَطِيعُونِ أي آمركم أن تعبدوا الله وحده لا شريك له، وأن تؤدوا حقوقه، وتمتثلوا أوامره، وتجتنبوا ما يوقعكم في عذابه وتطيعوني فيما آمركم به، فإني رسول إليكم من عند الله تبارك وتعالى.
والتقوى: امتثال الأوامر، واجتناب المحارم والمآثم.
والتكليف بهذه الأمور الثلاثة له ثمرتان:
يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ، وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى أي يستر لكم بعض ذنوبكم، ويسامحكم فيما فرط منكم من الزلّات، ويمد في أعماركم ويؤخر موتكم إلى الأمد الأقصى الذي قدّره الله لكم، إن آمنتم وأطعتم، وهذا وعد على العبادة والطاعة بشيئين: أحدهما- دفع مضار الآخرة: وهو غفران الذنوب، والثاني- تحقيق منافع الدنيا، وهو تأخير الأجل إلى أقصى الإمكان.
وقد استدل العلماء بهذه الآية على أن الطاعة والبر وصلة الرحم، يزاد بها في العمر حقيقة، كما
ورد في الحديث الذي رواه أبو يعلى عن أنس: «صلة الرحم تزيد في العمر».
قال الزمخشري: قضى الله مثلا أن قوم نوح إن آمنوا عمّرهم ألف سنة، وإن بقوا على كفرهم، أهلكهم على رأس تسع مائة، فقيل لهم: آمنوا يؤخركم إلى أجل مسمى، أي إلى وقت سماه الله وضربه أمدا تنتهون إليه، لا تتجاوزونه، وهو الوقت الأطول تمام الألف «١».