ما اشتملت عليه السورة:
هناك موضوعان بارزان في السورة هما: الإخبار عن حقائق تتعلق بالجن، وتوجيهات للنبي صلّى الله عليه وسلّم في تبليغه الدعوة إلى الناس.
افتتحت السورة بالإخبار عن إيمان فريق من الجن بالقرآن العظيم حين سمعوا تلاوته من النبي صلّى الله عليه وسلّم في صلاته في منى بعد عودته من الطائف قبيل الإسراء والمعراج: قُلْ: أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ.. [الآيات: ١- ٢] فهو كما قالوا كتاب يهدي إلى الرشد.
ثم أبانت تمجيدهم الله عز وجل وإفرادهم له بالعبادة وتنزيههم له عن اتخاذ الصاحبة والولد، وتسفيههم من جعل لله ولدا وعلاقة الجن بالإنس: وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا.. [الآيات: ٣- ٧].
وأعقبت ذلك بالإخبار عن محاولات الجن استراق السمع من السماء، للتعرف على خبر العالم العلوي، ومنعهم منه لإحاطة السماء بالحرس الملائكي، وإحراقهم بالشهب النارية بعد بعثة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وتعجبهم من هذا الحديث السماوي، وتساؤلهم: هل يراد به تعذيب أهل الأرض: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ.. [الآيات:
٨- ١٠].
وصرح الجن بعدئذ بانقسامهم إلى فريقين: مؤمنين وكفار، مع تبشير المؤمنين بخير الدنيا والآخرة وعزمها، وإنذار الكافرين المعرضين عن هدي الله وكتابه بالعذاب الشديد: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ.. [الآيات: ١١- ١٨].
ووصفوا تجمعهم حول النبي صلّى الله عليه وسلّم حين سمعوه يتلو القرآن: وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ.. [الآية: ١٩].