فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات الكريمات إلى ما يأتي:
١- الإخبار عن قصص الجن له فوائد كثيرة أهمها بيان أنهم مكلفون بالتكاليف الشرعية كالإنس، وأن المؤمن منهم يدعو الكافر إلى الإيمان، وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم مبعوث إلى العالمين: الإنس والجن وإلى الملائكة تشريفا، وأن يكون إيمانهم بالقرآن باعثا كفار قريش وغيرهم إلى الإيمان به، وأنهم يسمعون كلامنا ويفهمون لغاتنا.
لكن ظاهر القرآن يدل على أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم ما رآهم لقوله تعالى:
اسْتَمَعَ. وفي صحيح البخاري ومسلم والترمذي عن ابن عباس قال: ما قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الجنّ وما رآهم، انطلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ.. إلخ ما ذكر في سبب النزول المتقدم. ففي هذا الحديث دليل على أنه صلّى الله عليه وسلّم لم ير الجن، ولكنهم حضروه، وسمعوا قراءته. وفيه دليل على أن الجنّ كانوا مع الشياطين حين تجسسوا الخبر، بسبب الشياطين لما رموا بالشهب، وكان المرميون بالشهب من الجنّ أيضا،
لقوله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث: «وأرسلت عليهم الشّهب».
ومذهب ابن مسعود أنه أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بالمسير إليهم ليقرأ القرآن عليهم، ويدعوهم إلى الإسلام، وأن النّبي صلّى الله عليه وسلّم رأى الجن قال القرطبي: وهو أثبت روى عامر الشعبي قال: سألت علقمة: هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة الجنّ؟ فقال علقمة: أنا سألت ابن مسعود، فقلت: هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة الجنّ؟ قال: لا، ولكنا كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات ليلة ففقدناه، فالتمسناه في الأودية والشّعاب، فقلت استطير «١» أو اغتيل، قال: فبتنا بشرّ ليلة بات بها قوم، فلما أصبح إذا هو يجيء

(١) استطير فلان: ذعر.


الصفحة التالية
Icon