رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قائما يصلي بين جبلين بمكة، فأتوه فأخبروه، فقال: هذا هو الحدث الذي حدث في الأرض.
والخلاصة: أن الشياطين منعت بعد بعثة النّبي صلّى الله عليه وسلّم من استراق السمع لئلا يسترقوا شيئا من القرآن، فيلقوه على ألسنة الكهنة، فيلتبس الأمر ويختلط، ولا يدرى من الصادق.
٨- وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ، فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً أي أننا كنا نقعد في السماء مقاعد لاستراق السمع، وسماع أخبار السماء من الملائكة لإلقائها إلى الكهنة، فحرسها الله سبحانه عند بعثة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالشهب المحرقة، فمن يروم أن يسترق السمع اليوم، يجد له شهابا مرصدا له، لا يتخطاه ولا يتعداه، بل يمحقه ويهلكه.
٩- وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً أي وأننا لا نعلم بسبب هذه الحراسة للسماء، أشرّ أو عذاب أراده الله أن ينزله على أهل الأرض، أم أراد بهم ربهم خيرا وصلاحا، بإرسال نبي مصلح. وهذا من أدبهم في العبارة حيث أسندوا الشر إلى غير فاعل والخير أضافوه إلى الله عزّ وجلّ.
وقد ورد في الصحيح: «والشر ليس إليك».
١٠- وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً أي أخبر تعالى عن الجن أنهم قالوا مخبرين عن أنفسهم، لما دعوا أصحابهم إلى الإيمان بمحمد صلّى الله عليه وسلّم: كنا قبل استماع القرآن: منّا المؤمنون الأبرار الموصوفون بالصلاح، ومنّا قوم دون ذلك، أي غير صالحين أو كافرين، كنا جماعات متفرقة، وأصنافا مختلفة، وأهواء متباينة. والمراد أنهم كانوا أقساما، فمنهم المؤمن ومنهم الفاسق ومنهم الكافر، كما هي حال الإنس. قال سعيد بن المسيب: كانوا مسلمين ويهودا ونصارى ومجوسا.