وهذا دليل على عدل الله في خلقه وأنه لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه، وإرسال الرسول إليه، كما قال تعالى: وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء ١٧/ ١٥].
٢- وَقالُوا: لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ، ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ أي إننا نلوم أنفسنا ونندم على ما فعلنا، فلو كنا نسمع ما أنزل الله من الحق سماع من يعي، وسماع هداية، أو نعقل عقل من يميز وينظر وينتفع، وعقل هداية، ما كنا من أهل النار، وما كنا عليه من الكفر بالله والضلال، ولكن لم يكن لنا فهم نعي به ما جاءت به الرسل، ولا كان لنا عقل يرشدنا إلى اتباعهم، والإيمان بما أنزل الله تعالى، والاستماع إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم. وقدم السمع على العقل والتفهم لأن المدعو إلى شيء يسمع كلام الداعية أولا ثم يتفكر فيه.
فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ، فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ أي فأقروا معترفين بما صدر عنهم من ذنب استحقوا به عذاب النار، وهو الكفر وتكذيب الأنبياء، فبعدا لهم من الله ومن رحمته. وهذا بيان بالجريمة ثم العقاب.
أخرج الإمام أحمد عن أبي البحتري الطائي قال: أخبرني من سمعه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم»
وفي حديث آخر: «لا يدخل أحد النار إلا وهو يعلم أن النار أولى به من الجنة».
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
١- للكافرين الجاحدين وجود الله ووحدانيته، المكذبين رسله عذاب جهنم في الآخرة، وبئس المرجع والمنقلب. وظاهر الآية يقتضي القطع بأن الفاسق المصرّ لا يبقى في النار.