٣- أخبر الجن عن حقيقتهم قبل البعثة النبوية، فقال بعضهم لبعض لما دعوا أصحابهم إلى الإيمان بمحمد صلّى الله عليه وسلّم: إنا كنا قبل استماع القرآن من الصالحون ومنا الكافرون، فكنا فرقا شتى، وأديانا مختلفة، وأهواء متباينة. والمعنى: لم يكن كل الجن كفارا، بل كانوا مختلفين: منهم كفار، ومنهم مؤمنون صلحاء، ومنهم مؤمنون غير صلحاء. قال سعيد بن المسيب: كنا مسلمين ويهودا ونصارى ومجوسا.
٤- علم الجن وأيقنوا أنهم لن يعجزوا الله ولن يفوتوه أو يفلتوا منه، سواء أكانوا في الأرض أينما وجدوا فيها، أم صاروا هاربين منها إلى السماء.
٥- بادر الجن عند سماع القرآن إلى الإيمان بالله تعالى، والتصديق بمحمد صلّى الله عليه وسلّم على رسالته. وهذا دليل على أنه صلّى الله عليه وسلّم كان مبعوثا إلى الإنس والجن.
قال الحسن البصري: بعث الله محمدا صلّى الله عليه وسلّم إلى الإنس والجنّ، ولم يبعث الله تعالى قطّ رسولا من الجنّ، ولا من أهل البادية، ولا من النساء، وذلك قوله تعالى:
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى [يوسف ١٢/ ١٠٩].
وفي الصحيح: «بعثت إلى الأحمر والأسود» «١»
أي الإنس والجن.
وجزاء الإيمان: أنه لا يخاف أن ينقص من حسناته، ولا أن يزاد في سيئاته.
٦- كذلك كان الجن بعد استماع القرآن مختلفين، فمنهم من أسلم، ومنهم من كفر، فمن أسلم، فقد طلبوا لأنفسهم النجاة، وقصدوا طريق الحق وتوخّوه، ومن جار عن طريق الحق والإيمان، فإنهم في علم الله تعالى وقود جهنم.

(١) تفسير القرطبي: ١٩/ ١٦


الصفحة التالية
Icon