وقيل: كان التهجد فرضا على النبي صلّى الله عليه وسلّم وعلى أمته، ثم نسخ بالصلوات الخمس ليلة المعراج.
وقيل: إن التهجد كان نافلة، لا مفروضا، لقوله تعالى: نافِلَةً لَكَ ولأن حمل الأمر: قُمِ اللَّيْلَ على الندب أولى لأنه متيقن، فإن أوامر الشريعة تارة تفيد الوجوب، وتارة تفيد الندب، فلا بد من دليل آخر على الوجوب كالتوعد على الترك ونحوه، وليس هذا متوفرا هنا. ويرد عليه بأن المختار في علم الأصول في الأوامر حملها على الوجوب أو الإلزام إلا بقرينة تصرفه عن ذلك إلى الندب أو الإباحة. ولأنه تعالى ترك تقدير قيام الليل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وخيره بين النصف أو أقل منه أو أكثر، ومثل هذا لا يكون في الواجبات. ويرد عليه بأنه قد يكون الواجب مخيرا بين أمور ثلاثة كالكفارة.
والراجح هو أن التهجد نسخ عن الأمة وحدها، وبقي وجوبه على النبي صلّى الله عليه وسلّم، بدليل آية الإسراء: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ. وربما كان العمل بحديث سعد بن هشام بن عامر السابق صحيحا: وهو نسخ الوجوب مطلقا وصيرورة التهجد (أو قيام الليل) تطوعا، تخفيفا وتيسيرا، والناسخ هو الصلوات الخمس، وأما آخر سورة المزمل الذي نزل بعد أولها بنحو عام كما في بعض الآثار، فقد نسخ المقدار الذي بيّن في أولها، دون نسخ أصل وجوب التهجد.
والمقدار المذكور في أول السورة: هو نصف الليل أو أنقص منه قليلا إلى الثلث، أو الزيادة عليه إلى الثلثين.
٢- وجوب ترتيل القرآن:
لا خلاف في أنه يقرأ القرآن بترتيل على مهل، وتبيين حروف، وتحسين مخارج، وإظهار مقاطع، مع تدبر المعاني. والترتيل:
التنضيد والتنسيق وحسن النظام.