كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا
أي كيف تقون أنفسكم وتنعمون بالأمان والاطمئنان إن بقيتم على الكفر، من عذاب يوم يجعل الأطفال شيبا بيض الشعور، لشدة هوله، وهذا كناية عن شدة الخوف، وتصير السماء متشققة به متصدعة لشدته وعظيم هوله، وكان وعد الله بمجيء ذلك اليوم كائنا واقعا لا محالة ولا محيد عنه.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١- هدد الله صناديد قريش وأمثالهم من المستهزئين والمترفين الطغاة والمكذبين بآيات الله والكفر برسالة نبيه صلّى الله عليه وسلّم، وتوعدهم بأشد العذاب في الدنيا والآخرة. أما في الدنيا فعوقب رؤساء مكة في موقعة بدر، وأما في الآخرة فنار جهنم تنتظرهم.
٢- إن أنواع العذاب الشديد في الآخرة هي الأنكال أي القيود، والنار المؤججة، والطعام الذي لا يستساغ، فلا هو نازل ولا هو خارج، وهو الغسلين والزّقوم والضريع وهو شوك كالعوسج.
٣- زمان هذا العذاب هو يوم القيامة، الذي تضطرب وتحرك فيه الأرض والجبال بمن عليها، وتصبح الجبال فيه رملا مجتمعا سائلا متناثرا غير متماسك.
٤- التشابه في الجريمة والعقاب: اشترك أهل مكة في تكذيب النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم والاستخفاف به، مع فرعون وقومه الذين كذبوا موسى عليه السلام، قال مقاتل: ذكر- أي الله- موسى وفرعون لأن أهل مكة ازدروا محمدا صلّى الله عليه وسلّم واستخفوا به لأنه ولد فيهم، كما أن فرعون ازدرى موسى لأنه ربّاه ونشأ فيما بينهم، كما قال تعالى: أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً [الشعراء ٢٦/ ١٨] فكان التشابه في الأحوال سببا لذكر قصة موسى وفرعون على التعيين دون سائر الرسل والأمم.