المتأكلون، إنما المتوكل رجل ألقى حبّه في بطن الأرض، وتوكل على الله عز وجل.
ويكون المراد من الآيتين هذه وما قبلها تهديد الكافرين بأن الله عالم بسرهم وجهرهم، وأنه هو المنعم المتفضل عليهم بما يسّر لهم من خيرات الأرض، فاحذروا عقابه، فكأنه تعالى قال: أيها الكفار اعلموا أني عالم بسركم وجهركم، فكونوا خائفين مني، محترزين من عقابي، فقد أسكنتكم في هذه الأرض التي ذلّلتها لكم، وجعلتها سببا لنفعكم ورزقكم، وإني إن شئت خسفت بكم هذه الأرض، وأنزلت عليها من السماء أنواع المحن.
فقه الحياة أو الأحكام:
يستدل بالآيات على ما يأتي:
١- إن خشية الله، والخوف من عذابه وعقابه، ومجاهدة الشيطان واجب كل إنسان، وإن الذين يخافون الله، ويخافون عذابه الغائب عنهم وهو عذاب يوم القيامة، ويراقبون الله في سرهم وعلنهم، لهم مغفرة لذنوبهم، وثواب كبير وهو الجنة.
٢- إن الله تعالى عالم على السواء بالجهر وبالسر، وبما في الصدور من خطرات وخفايا وبما في القلوب من الخير والشر. وعليه يكون ما أخفاه المشركون من الكلام في أمر محمد صلّى الله عليه وسلّم، وما جهروا به معلوما تمام العلم لله عز وجل. كذلك كل ما يكيد به الناس للإسلام وقرآنه ونبيه صلّى الله عليه وسلّم وأهله في كل عصر، دولا وأفرادا، يعلم به الله، ويعاقب أهل الكيد والمكر والشر والضلال عليه.
٣- الدليل على كونه تعالى عالما بجميع الأشياء السرية والعلنية أنه هو الخالق للإنسان وأفعاله وأقواله، ومن خلق شيئا لا بد وأن يكون عالما بمخلوقه.