وفسر الزمخشري قوله تعالى: وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ بقوله:
يعني إلا أن يقسرهم على الذكر، ويلجئهم إليه لأنه مطبوع على قلوبهم، معلوم أنهم لا يؤمنون اختيارا «١». وهذه طريقته على مبدأ المعتزلة في مثل هذه الآيات، وهو أن الله ترك الإيمان والكفر لاختيار العبد الذي هو مناط الثواب والعقاب، ولكن مشيئة الله قادرة على جعل العبد مؤمنا بالقهر والإلجاء أو الإكراه.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١- كل نفس مرتهنة يوم القيامة بكسبها، مأخوذة بعملها، إما خلّصها وإما أوبقها، إلا أهل اليمين الذين يعطون كتبهم بأيمانهم، فإنهم لا يرتهنون بذنوبهم. قال الحسن البصري وابن كيسان: هم المسلمون المخلصون، ليسوا بمرتهنين لأنهم أدّوا ما كان عليهم.
٢- يكون أهل اليمين يوم القيامة في جنات (بساتين) يسألون عن المشركين: ما الذي أدخلكم في سقر؟ والمقصود من السؤال زيادة التوبيخ والتخجيل «٢».
فيذكر أهل النار أربعة أسباب هي: ترك الصلاة، وترك الصدقة، ومخالطة أهل الباطل في باطلهم، كإيذاء أهل الحق، وكل ما لا يعني المسلم، والتكذيب بيوم القيامة، يوم الجزاء والحكم، إلى أن أتانا الموت. قال العلماء:
يجب أن يحمل هذان الأمران الأوليان على الصلاة والصدقة الواجبتين، وإلا لم يجز العذاب على تركهما. وقد يستدل بالآية على أن الكفار معذبون بفروع
(٢) تفسير الرازي: ٣٠/ ٢١١