الإقسام بالمعدوم لا يعقل معناه، وفي ضم النفس اللوّامة إليه تنبيه على أن الغرض من القيامة: هو إظهار أحوال النفس ومراتبها في السعادة وضدّها «١». والصحيح أنه أقسم بهما جميعا معا، كما قال قتادة رحمه الله «٢»، أي أنه سبحانه سيجمع العظام، ثم يحيي كل إنسان، ليحاسبه ويجزيه.
قال الحسن البصري: إن المؤمن، والله ما نراه إلا يلوم نفسه: ما أردت بكلمتي، ما أردت بأكلتي، ما أردت بحديث نفسي، وإن الفاجر يمضي قدما وقدما ما يعاتب نفسه. وقال أيضا: ليس أحد من أهل السموات والأرضين إلا يلوم نفسه، يوم القيامة.
وقال سعيد بن جبير: سألت ابن عباس عن قوله: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ قال: يقسم ربك بما شاء ممن خلقه.
وقال الفرّاء: ليس من نفس محسنة أو مسيئة إلا وهي تلوم نفسها فالمحسن يلوم نفسه أن لو كان ازداد إحسانا، والمسيء يلوم نفسه ألا يكون ارعوى عن إساءته.
والخلاصة: أن الأشبه بظاهر التنزيل كما قال ابن كثير: أن النفس اللوّامة هي التي تلوم صاحبها على الخير والشر، وتندم على ما فات.
أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ؟ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ أي أيظن أي إنسان أننا لن نقدر على جمع عظامه، بعد أن صارت رفاتا، فنعيدها خلقا جديدا، وذلك حسبان باطل، فإنا نجمعها، وبلى سنجمعها قادرين عند البعث على إعادة تسوية أكثر العظام تفرقا، وأدقها أجزاء، وهي العظام التي في الأنامل ومفاصلها. وقوله: قادِرِينَ تأكيد القدرة لأنه
(٢) تفسير ابن كثير: ٤/ ٤٤٧