وبما أن تمام الطاعة لا يكون إلا بالإخلاص وقرن النية بالعمل ذكر النية بعد تلك الأعمال فقال:
إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً أي إنما قصدنا من هذا الإطعام هو ابتغاء رضوان الله وحده ورجاء ثوابه دون منّ عليكم ولا ثناء من الناس ولا توقع مكافأة تنقص الأجر ولا طلب مجازاة منكم ولا إرادة شكر منكم لنا بل هو خالص لوجه الله تعالى.
وهذا أي طلب رضا الله عنهم هو الهدف الأول ثم أعقبه بالهدف الثاني وهو خوف يوم القيامة وأهوالها فقال سبحانه:
إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً أي إننا مع طلب رضوان الله نخاف من أهوال يوم تعبس فيه الوجوه من هوله وشدته صعب شديد. ووصف اليوم بالعبوس مجاز وصف بصفة أهله أو تشبيها في ضرره بالأسد العبوس أو بالشجاع الباسل والقمطرير أشد ما يكون من الأيام وأطوله بلاء.
ويلاحظ أنه سبحانه وصفهم بالخوف من أهوال القيامة في موضعين: في قوله المتقدم: وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً وقوله هنا: إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً.
ثم أوضح الله تعالى أنه حقق للأبرار الهدفين وذكر ما سيجزيهم على أعمالهم وإخلاصهم فذكر الثاني أولا ثم الأول فقال: فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً أي فدفع الله عنهم شرّ ذلك اليوم العبوس وآمنهم مما خافوا منه بسبب خوفهم منه وإطعامهم لوجهه وأعطاهم بدل العبوس في الكفار نضرة في الوجوه وسرورا في القلوب لطلبهم رضا الله. والنضرة:
البياض والنقاء في وجوههم من أثر النعمة.