على الحال، وإن جعلت بمعنى الملائكة كان عُرْفاً منصوبا بتقدير حذف حرف جر، أي والمرسلات بعرف، أي بمعروف، والمعنى الأول أظهر.
فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً، وَالنَّاشِراتِ نَشْراً عصفا ونشرا: منصوبان على المصدر المؤكد.
فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً، عُذْراً أَوْ نُذْراً عُذْراً أَوْ نُذْراً: منصوبان من ثلاثة أوجه: إما على المفعول لأجله، أي للإعذار والإنذار، أو على البدل من ذِكْراً أي فالملقيات عذرا أو نذرا، أو بالمصدر نفسه وهو (ذكر) وتقديره: أن ذكّر عذرا أو نذرا.
فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ النُّجُومُ: مرفوع بفعل دل عليه طُمِسَتْ وتقديره: إذا طمست النجوم طمست، وجواب إذا مقدر، تقديره: وقع الفصل، أو الجواب: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ...
وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ أصل أُقِّتَتْ وقتت، إلا أنه لما انضمت الواو ضما لازما، قلبت همزة، كقولهم في وجوه: أجوه.
البلاغة:
فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً، وَالنَّاشِراتِ نَشْراً، فَالْفارِقاتِ فَرْقاً تأكيد بذكر المصدر لزيادة البيان، وتقوية الكلام.
عُذْراً أَوْ نُذْراً بينهما طباق.
لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ، لِيَوْمِ الْفَصْلِ، وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ وضع الظاهر في الجملة الأخيرة موضع الضمير، وجيء بصيغة الاستفهام، لزيادة تهويل الأمر وتعظيمه والتعجيب من هوله.
المفردات اللغوية:
وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً الأظهر أنها الرياح المتتابعة كعرف الفرس: وهو الشعر المتتابع النابت على الرقبة، وقيل: إنها الملائكة المرسلة للمعروف والإحسان. فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً الرياح الشديدة. وَالنَّاشِراتِ نَشْراً الأظهر أنها أيضا الرياح التي تنشر المطر، أو تنشر السحاب في آفاق السماء، كما يشاء الرب عز وجل، وقيل: إنها الملائكة الموكلون بالسحب يسوقونها حيث يشاء الله تعالى لنشر المطر وإحياء الأرض.
فَالْفارِقاتِ فَرْقاً، فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً، عُذْراً أَوْ نُذْراً أي الملائكة التي تنزل بالوحي إلى الأنبياء والرسل، لتفرّق بين الحق والباطل، والحلال والحرام، وتلقي بالعلم والحكمة إلى الأنبياء، للإعذار والإنذار، الإعذار من الله للعباد لئلا يبقى لهم حجة عند الله، والإنذار من الله تعالى للناس بالنقمة والعذاب إذا لم يؤمنوا.