وختمت السورة بأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بالصبر على أذى المشركين، وحذرته من التبرم والتضجر في تبليغ دعوته، حتى لا يكون مثل يونس عليه السلام:
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ، وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ.. وأعلنت حمايته من أذاهم، ودحضت افتراءهم بأنه مجنون، وردت عليهم بأن القرآن عظة وعبرة للعالمين، فكيف يكون المنزل عليه مجنونا: وَإِنْ يَكادُ.. إلى آخر السورة.
فضلها:
هذه السورة من أوائل ما نزل من القرآن بمكة، فقد نزلت على ما روي عن ابن عباس: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ثم هذه، ثم المزمل، ثم المدثر.
كمال الدين والخلق عند النبي صلّى الله عليه وسلّم
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ١ الى ٧]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (١) ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٧)
الإعراب:
ن في موضع نصب إما بتقدير: اقرأ نون، أو بتقدير: أقسم بنون، فحذف حرف القسم، فاتصل الفعل به، فنصبه، وعلى هذا يكون: ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ جواب القسم. وقال أبو حيان: ن من حروف المعجم، نحو ص وق، وهو غير معرب كبعض الحروف التي جاءت مع غيرها مهملة من العوامل، والحكم على موضعها بالإعراب تخرص.
بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ أي بأيكم الفتنة، كما يقال: ماله معقول، أي عقل، وقيل: الباء في بِأَيِّكُمُ زائدة، وتقديره: أيكم المفتون، أي المجنون.