أخرج الإمام أحمد وأصحاب الكتب الستة إلا أبا داود عن حارثة بن وهب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ألا أنبئكم بأهل الجنة كل ضعيف متضعّف «١»، لو أقسم على الله لأبرّه، ألا أنبئكم بأهل النار كل عتلّ جوّاظ «٢» مستكبر».
ثم ذكر الله تعالى بعض دوافع ومظاهر كبره وكفره، فقال:
٩- ١٠: أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ أي أيكفر بالله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم لأن الله أنعم عليه بالأموال والبنين، حيث جعل جزاء النعم الكفر والجحود؟
فذلك لا ينفعه عند ربّه. وهذا تقريع وتوبيخ على مقابلة ما أنعم الله عليه من المال والبنين بالكفر بآيات الله تعالى والإعراض عنها. وقال الزمخشري: متعلق بقوله: وَلا تُطِعْ، يعني: ولا تطعه مع هذه المثالب لأن كان ذا مال، أي ليساره وحظه من الدنيا.
إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي وإنه إذا تليت عليه آيات القرآن، زعم أنها كذب مأخوذ من قصص وأباطيل القدماء، وليس هو من عند الله تعالى.
وهذا كقوله تعالى حكاية عن هذا الطاغية الجبار: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً، وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً، وَبَنِينَ شُهُوداً، وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً، ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ، كَلَّا، إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً، سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً، إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ، فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ نَظَرَ، ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ، ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ، فَقالَ: إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ، إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ [المدثر ٧٤/ ١١- ٢٥].

(١) روي بكسر العين وفتحها، والمشهور الفتح، ومعناه: يستضعفه الناس ويحتقرونه، وبالكسر: المتواضع المتذلل.
(٢) الجوّاظ: الجمّاع المنّاع، الذي يجمع المال ويمنعه.


الصفحة التالية
Icon