صارت سوداء كالليل الأسود المظلم. ووجه التشبيه أنها يبست وذهبت خضرتها، أو لم يبق منها شيء.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إياكم والمعاصي، إن العبد ليذنب الذنب، فيحرم به رزقا قد كان هيئ له، ثم تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ، وَهُمْ نائِمُونَ، فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ قد حرموا خير جنتهم بذنبهم».
ولكنهم لم يدروا بما حدث، وانطلقوا مصمّمين على ما أرادوا، فقال تعالى:
فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ، أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ أي فنادى بعضهم بعضا وقت الصباح، ليذهبوا إلى الجذاذ أي القطع: أن اخرجوا مبكرين في الصباح إلى الثمار والزرع، إن كنتم قاصدين للصرام أي القطع. قال مجاهد:
كان حرثهم عنبا.
فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ أي فبادروا مسرعين إلى حرثهم، وهم يتسارون ويتناجون ويقول بعضهم لبعض: لا تمكّنوا اليوم فقيرا يدخل عليكم، فيطلب منكم أن تعطوه منها ما كان يعطيه أبوكم.
وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ أي وذهبوا في الغداة مبكرين، زاعمين أنهم قادرون على الصرام ومنع المساكين وحرمانهم. فقوله: عَلى حَرْدٍ على قصد المنع، وقيل: الحرد: القصد والجدّ والسرعة. وقوله: قادِرِينَ من باب عكس الكلام للتهكم. وفيه أنهم طلبوا حرمان الفقراء، فعورضوا بنقيض مقصودهم.
فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا: إِنَّا لَضَالُّونَ أي فلما وصلوا إليها وشاهدوها وهي على الحالة المؤلمة من الاحتراق والسواد، قال بعضهم لبعض: قد أخطأنا وتهنا طريق جنتنا، وليست هذه.


الصفحة التالية
Icon