وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ [الأنعام ٦/ ٢٣] فقد كتموا في هذه الآية. وفي النازعات: أَمِ السَّماءُ بَناها... [النازعات ٧٩/ ٢٧] إلى قوله: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها [النازعات ٧٩/ ٣٠]، فذكر خلق السماء قبل خلق الأرض، ثم قال:
أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ... [فصلت ٤١/ ٩] إلى قوله:
أَتَيْنا طائِعِينَ فذكر في هذا خلق الأرض قبل خلق السماء. وقال: وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً. وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً. وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً فكأنه كان ثم مضى.
فقال ابن عباس: فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ في النفخة الأولى، ثم ينفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله، فلا أنساب بينهم في ذلك ولا يتساءلون، ثم في النفخة الآخرة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون.
وأما قوله: ما كُنَّا مُشْرِكِينَ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً فإن الله يغفر لأهل الإخلاص ذنوبهم، وقال المشركون: تعالوا نقول: لم نكن مشركين فختم الله على أفواههم، فتنطق جوارحهم بأعمالهم، فعند ذلك عرف أن الله لا يكتم حديثا، وعنده يودّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين.
وخلق الله الأرض في يومين، ثم استوى إلى السماء، فسوّاهن سبع سماوات في يومين، ثم دحا الأرض أي بسطها، فأخرج منها الماء والمرعى، وخلق فيها الجبال والأشجار والآكام وما بينها في يومين آخرين فذلك قوله: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها. فخلقت الأرض في أربعة أيام، وخلقت السماء في يومين.
وقوله: وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً يريد نفسه ذلك، أي لم يزل ولا يزال كذلك فإن الله لم يرد شيئا إلا أصاب به الذي أراد. ويحك! فلا يختلف عليك القرآن، فإن كلا من عند الله «١».

(١) تفسير القرطبي: ١٤/ ١٢.


الصفحة التالية
Icon