لا يعتريه نوم ولا يغلبه نعاس لأنه قائم بتدبير أمور خلقه آناء الليل وأطراف النهار. وهذه الجملة مؤكدة لما قبلها، مقررة لمعنى الحياة والقيومية الدائمة الكاملة، جاء
في الصحيح عن أبي موسى قال: قام فينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأربع كلمات فقال: «إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل، وعمل الليل قبل عمل النهار، حجابه النور أو النار، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه».
وجميع ما في السموات وما في الأرض عبيده وفي ملكه، خاضعون لمشيئته، وتحت قهره وسلطانه، كقوله تعالى: إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً، لَقَدْ أَحْصاهُمْ، وَعَدَّهُمْ عَدًّا، وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً [مريم ١٩/ ٩٣- ٩٥]. وهذه الجملة مؤكدة أيضا لقيوميته وتفرده بالألوهية.
ومن عظمة الله وجلاله وكبريائه أنه لا يتجاسر أحد على أن يشفع لأحد عنده إلا بإذنه له في الشفاعة، كقوله تعالى: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى [النجم ٥٣/ ٢٦] وقوله: وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى [الأنبياء ٢١/ ٢٨] وقوله: يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ [هود ١١/ ١٠٥]
وفي حديث الشفاعة: «آتي تحت العرش، فأخر ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقال: ارفع رأسك، وقل تسمع، واشفع تشفّع، قال: فيحد لي حدا، فأدخلهم الجنة».
وهذا دليل على انفراد الله بالملك والسلطان.
والله محيط علمه بجميع الكائنات ماضيها وحاضرها ومستقبلها، ويعلم أمور الدنيا وأمور الآخرة، كقوله إخبارا عن الملائكة: وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا، وَما بَيْنَ ذلِكَ، وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [مريم ١٩/ ٦٤] قال


الصفحة التالية
Icon