وذو القرنين، والكافران: نمروذ وبختنصّر «١». فالنمروذ الملك لم يشكر النعمة، بل أبطرته، وجعلته يطغى، مع أن النعمة مدعاة الشكر، فجعل ما كان سببا في الطاعة سببا في المعصية.
وهو في رأي ابن عباس ومجاهد وجماعة آخرين: صاحب النار والبعوضة، فهو الذي أضرم النار لإحراق إبراهيم عليه السلام، وكان إهلاكه لما قصد المحاربة مع الله تعالى: بأن فتح الله تعالى عليه بابا من البعوض، وبعثها على عسكره، فأكلت لحومهم، وشربت دماءهم، ودخلت واحدة منها في دماغه، فأكلته حتى صارت مثل الفأرة، فكان أعز الناس عنده بعد ذلك من يضرب دماغه بمطرقة عتيدة لذلك، فبقي في البلاء أربعين يوما «٢».
وكان قوم الملك يعبدون ملوكهم مع آلهتهم، فأحب الملك أن يرجع إبراهيم عن نحلته الجديدة المخالفة لنحلة قومه، وان يعبده وآلهته.
وهذه قصة المجادلة «٣» :
حينما كسّر إبراهيم عليه السلام الأصنام التي تعبد من دون الله، وسفّه عقول عابديها، سأله نمروذ عن ربه الذي يدعو إلى عبادته، فأجابه: ربي الذي يحيي ويميت فهو مصدر الحياة وسبب الممات، أي ينشئ الحياة والموت، فأنكر الملك الطاغية الذي كان أول من تجبر وقال: أنا أحيي بعض البشر بالعفو عمن حكم عليه بالإعدام، وأميت البعض الآخر بالقتل وتنفيذ الحكم المقرر عليه، وأحضر رجلين عفا عن أحدهما، وقتل الآخر، وأخذ أربعة نفر فأدخلهم بيتا وتركهم بدون طعام وشراب، ثم أطعم اثنين فحييا، وترك اثنين فماتا.
(٢) تفسير القرطبي: ٣/ ٢٨٤
(٣) قصص الأنبياء للأستاذ عبد الوهاب النجار: ص ٨١