كما يستر الثوب الجسد، ثم بعث الله ملكا فنفخ الرّوح في هذا الجسم، فنهق كله بإذن الله عزّ وجلّ، وذلك كلّه بمرأى من العزير. فالقادر على هذا الإحياء بعد موت مائة سنة قادر على الإحياء بعد آلاف السنين، لأن الأفعال الإلهية تشبه بعضها.
فلما تبيّن له هذا كله قال: أنا عالم بهذا، وقد رأيته عيانا، وأعلم علما يقينيا أن الله على كل شيء من الأشياء قدير لا يستعصي عليه أمر.
فقه الحياة أو الأحكام:
هذه القصة دليل واضح على إمكان البعث بعد الفناء، والحشر بعد النشر من القبور، والدليل الثابت الذي يمكن أن يحتجّ به على البعث في كل زمان ومكان:
هو سنته تعالى في تكوين الحيوان وإنشاء لحمه وعظمه، والإنشاء معناه:
التقوية، والإنشاز معناه: التنمية. وهذه حالة خاصة، وأما الآية الكبرى العامة وهي كيفية التّكوين الدّالة على قدرة الله على البعث، فهي قوله تعالى: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ [الأعراف ٧/ ٢٩]، وقوله: كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ [الأنبياء ٢١/ ١٠٤].
والرّاجح أن الذي مرّ على القرية كان من الصدّيقين أو الأنبياء، وقيل: إنه كان من الكافرين، وهو ضعيف، لأن الكافر لا يؤيّد بآيات الله. والكلام على الوجه الأوّل الصّحيح مثل لهداية الله تعالى للمؤمنين، وإخراجهم من الظّلمات إلى النّور، كما كان شأن إبراهيم مع ذلك الكافر.
والإخبار أو اليمين على الظنّ لا يكون كذبا، ولا يوجب كفارة اليمين، وهذا هو المراد عند الحنفية والمالكية والحنابلة (الجمهور) بلغو اليمين الذي عفا الله عنه، أخذا بقوله تعالى: قالَ: لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، وقوله في سورة الكهف: قالُوا: لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ [الكهف ١٨/ ١٩]، ونظيره
قول