الخبيث المستكره ما كَسَبْتُمْ من المال وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ أي ومن طيبات ما أنبتنا من الحبوب والثمار وَلا تَيَمَّمُوا تقصدوا الْخَبِيثَ الرديء وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ أي الخبيث لو أعطيتموه في حقوقكم إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ بالتساهل وغض البصر، فكيف تؤدون منه حق الله؟! غَنِيٌّ عن نفقاتكم حَمِيدٌ مستحق للحمد على نعمه الكثيرة.
سبب النزول:
روى الحاكم والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن البراء بن عازب، قال: نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، كنا أصحاب نخل، وكان الرجل يأتي من نخله على قدر كثرته وقلته، وكان الناس ممن لا يرغب في الخير، يأتي الرجل بالقنو فيه الشّيص والحشف «١»، وبالقنو قد انكسر، فيعلّقه «٢»، فأنزل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ.
وروى أبو داود والنسائي والحاكم عن سهل بن حنيف قال: كان الناس يتيممون شر ثمارهم، يخرجونها من الصدقة، فنزلت: وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ.
وروى الحاكم عن جابر قال: أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بزكاة الفطر بصاع من تمر، فجاء رجل بتمر رديء، فنزل القرآن: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ الآية.
وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يشترون الطعام الرخيص، ويتصدقون به، فأنزل الله هذه الآية.

(١) القنو: العذق وهو عنقود النخلة والشماريخ مثمرة. والشيص: التمر الذي لا يشتد نواه، وإنما يتشيّص إذا لم تلقح النخل. والحشف: التمر يجف قبل النضج، فيكون رديئا وليس له لحم.
(٢) على حبل بين أسطوانتين في مسجد رسول صلّى الله عليه وسلّم، فيأكل منه فقراء المهاجرين، وكان الرجل يعمد فيخرج قنو الحشف، وهو يظن أنه جائز عنه.


الصفحة التالية
Icon