على وجوب زكاة العشر فيما سقي بالمطر، ونصف العشر فيما سقي بالبئر ونحوه مما فيه كلفة، في كل ما تخرجه الأرض من أصناف زراعية، قليلا كان أو كثيرا، من غير تقدير بنصاب، ولا تخصيص بنوع معين من الأقوات، فتجب الزكاة عنده في الزروع والثمار كلها، ويعضده
قوله صلّى الله عليه وسلّم: «فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بنضح أو دالية «١» نصف العشر».
وأجيب من قبل الجمهور: بأنه لا متعلق له من الآية لأنها إنما جاءت لبيان محل الزكاة، لا لبيان نصابها أو مقدارها،
وقد بيّن النبي صلّى الله عليه وسلّم الأنصبة بقوله فيما رواه ابن ماجة: «ليس فيما دون خمس ذود صدقة، وليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة» «٢».
وهناك أدلة أخرى للفريقين «٣».
ويلاحظ أن الآيات التي تطالب بالإنفاق تختم عادة أو غالبا إما بقوله تعالى: وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ أو بقوله: وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ وذلك يرشدنا إلى أن النفقة جزء مما أنعم الله به من رزق على العباد، وأنه تعالى سيجزيه بها ويضاعفها له أضعافا كثيرة، ويخلف المبذول على المنفق لأنه واسع الفضل والرحمة والعطاء، ويرشدنا أيضا إلى أن القصد هو اختبار الناس فهو لا يأمرهم بالصدقة حين العوز، وإنما حال السعة واليسر، فكل إنسان مكلف حسب طاقته وقدرته على الإنفاق، وهو سبحانه محمود على كل حال، وعلى جميع نعمه،
(٢) الذود من الإبل: ما بين الثلاث إلى العشر، وهي مؤنثة لا واحد لها من لفظها، والكثير:
أذواد. ونصاب الفضة: مائتا درهم، والدرهم العربي (٩٧٥، ٢ غم)، والخمسة الأوسق تعادل (٦٥٣ كغ). [.....]
(٣) أحكام القرآن للجصاص الرازي: ١/ ٤٥٨، أحكام القرآن لابن العربي: ١/ ٢٣٥ وما بعدها.