الحكمة: فقال السدي: هي النبوة. وقال ابن عباس: هي المعرفة بالقرآن فقهه ونسخه ومحكمه ومتشابهه وغريبه ومقدّمه ومؤخره (أي العلم بأصول الفقه). وقال قتادة ومجاهد: الحكمة: هي الفقه في القرآن. وقال مجاهد: الإصابة في القول والفعل. وقال ابن زيد: الحكمة: العقل في الدّين. وقال مالك بن أنس: الحكمة: التفكر في أمر الله والاتّباع له، أو هي طاعة الله والفقه في الدين والعمل به. وكل هذه الأقوال تشترك في أن الحكمة: هي الفهم الصحيح والعلم النافع واتباع المعلوم المؤدي إلى سعادة الدنيا والآخرة «١».
خَيْراً كَثِيراً لأن الحكمة أوصلته إلى السعادة الأبدية وَما يَذَّكَّرُ يتعظ، وأصله:
يتذكر، فأدغم التاء في الذال أُولُوا الْأَلْبابِ أصحاب العقول.
التفسير والبيان:
الشيطان عدو الإنسان من قديم، وهو الذي أقسم فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [ص ٣٨/ ٨٢- ٨٣] يوسوس للناس ويخوفهم من الفقر إذا تصدقوا أو أنفقوا في سبيل الله ويقول لهم: إن عاقبة إنفاقكم أن تفتقروا، ويحرضهم ويغريهم على البخل والإمساك إغراء الآمر للمأمور. والفاحش عند العرب:
البخيل. والوعد: يستعمل في الخير والشر، قال الله تعالى: النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا [الحج ٢٢/ ٧٢]. وسمي ذلك التخويف وعدا: مبالغة في الإخبار بتحقق وقوعه، وكأن مجيئه بحسب إرادته، مع العلم بأن الوعد: هو الإخبار بما سيكون من جهة المخبر، والشيطان لم يقل: إني سأفقركم.
ويوضح هذا التخويف:
ما رواه ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن للشيطان لمّة «٢» بابن آدم، وللملك لمّة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر، وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير، وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك، فليعلم أنه من الله، فليحمد الله، ومن وجد
(٢) اللّمّة: المس والشيء القليل من الجن، والمراد: الخطرة التي تقع في القلب بوسوسة الشيطان أو الملك.