سبب النزول:
قال ابن أبي حاتم في قوله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ.. الآية أنزلت في أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، أما عمر فجاء بنصف ماله، حتى دفعه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما خلّفت وراءك لأهلك يا عمر؟» قال: خلفت لهم نصف مالي. وأما أبو بكر فجاء بماله كله يكاد أن يخفيه من نفسه، حتى دفعه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما خلّفت وراءك لأهلك يا أبا بكر؟» فقال: عدة الله وعدة رسوله. فبكى عمر رضي الله عنه وقال: بأبي أنت وأمي يا أبابكر، والله ما استبقنا إلى باب خير قط، إلا كنت سابقا «١».
وقال الكلبي: لما نزل قوله تعالى: وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ الآية، قالوا:
يا رسول الله، صدقة السر أفضل أم صدقة العلانية؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية «٢».
المناسبة:
بعد أن رغب تعالى في الإنفاق في سبيله، أوضح أن الله يعلم مصرف كل صدقة، سواء أكانت في طاعة أم في معصية، وخيرنا بين إخفاء صدقة التطوع وإظهارها، ولكن الإخفاء هو الأفضل، ويؤيده
حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومنهم: «ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» «٣»
فكان موضوع الآية الترغيب في إخفاء الصدقات بعدا عن الرياء.
(٢) أسباب النزول للنيسابوري: ص ٤٨- ٤٩
(٣) أخرجه أحمد والشيخان والنسائي عن أبي هريرة.