المناسبة:
أرشدت الآية السابقة المؤمنين إلى إعطاء الفقراء عامة، مسلمين وغير مسلمين، وصرحت هذه الآية بإباحة صدقة التطوع لغير المسلمين، سواء أكانوا مشركين أم من أهل الكتاب (اليهود والنصارى) لأن الله تعالى يرزق المؤمن والكافر من خير الدنيا، وشأن المؤمن أن يتخلّق بأخلاق الله، وأن يكون خيره عاما للناس إشعارا بحبّ الخير والنّفع للبشرية، وإدلالا على توافر صفة الرحمة والمحبة في قلب المسلم لكل إنسان، وإبعادا للعصبية الدّينية التي من شأنها التهديم والتفريق والفتنة، وزرع الأحقاد والضغائن، والتنفير من قبول الإسلام ذاته القائم على التسامح، وترك أمر الهداية للدين لله تعالى، فإن الهداية من الله، وتقتضي الشفقة إعطاء المحتاج أيّا كان دينه.
التفسير والبيان:
ليس عليك أو لا يجب عليك يا محمد أن تقود الناس إلى هداية الإسلام كرها، وإنما عليك البلاغ والإرشاد إلى الدين فقط، فتبشر من أطاع بالجنة، وتنذر من عصى بالنار، وأمر الهداية بمعنى التوفيق إلى الخير والسعادة والاهتداء إلى الإسلام مردّه إلى الله، بما وضع في النفوس من العقول، وما أبانه لهم من سنن وأدلّة ترشدهم إلى الدين الحق، فأمر يا محمد بالصدقة إلى كل من سألها من كل دين.
وثواب الصدقة وإنفاق المال في سبيل الله عائد بذاته لأنفسكم، ولا ينتفع به غيركم في الدنيا والآخرة. أما في الدّنيا فيصون المال، ويحصّن الثروة، ويحميكم من أذى الفقراء بالنّهب والسلب والسرقة لأن الجائع يستبيح لنفسه كل شيء.
وأما في الآخرة فثوابه لكم بدخول الجنة وتكفير بعض السيئات والذنوب.
وإنكم لا تنفقون إلا طلبا لرضوان الله، لا لمصلحة دنيوية أو لإرضاء