المشركين. وإيراد الكلام في صورة السؤال والجواب، أقرب- كما قال الرازي- إلى التفهيم والإيضاح، وتثبيت الجواب في نفوس الناس السائلين، كما في قوله تعالى: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ، لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ
[غافر ٤٠/ ١٦].
ثم رد الله تعالى عليهم متوعدا إنكارهم القيامة بقوله:
كَلَّا سَيَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ أي لا ينبغي لهم أن يختلفوا في شأن البعث، فهو حق لا ريب فيه، وسيعلم الذين يكفرون به عاقبة تكذيبهم.
وكلمة كَلَّا ردع لهم وزجر، ثم كرر الردع والزجر بالجملة الثانية، أي فليزدجروا عما هم فيه من الكفر والتكذيب، فإنهم سيعلمون قريبا حقيقة الأمر إذا حل بهم العذاب.
وهذا تهديد شديد، ووعيد أكيد، قال أهل المعاني: تكرير الردع مع الوعيد دليل على غاية التهديد. وفي ثُمَّ إشارة إلى أن الوعيد الثاني أبلغ من الأول.
ثم أورد الله تعالى بعض مظاهر قدرته العظيمة على خلق الأشياء العجيبة الدالة على قدرته على أمر المعاد وغيره. فقال معددا تسعة أشياء تثبت صحة البعث والحشر الذي أنكروه، وتدل على قدرته على جميع الممكنات وعلمه بجميع المعلومات:
١- ٢: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً، وَالْجِبالَ أَوْتاداً أي كيف تنكرون البعث، وقد عاينتم أدلة قدرة الله التامة، من جعل الأرض ممهدة مذللة للخلائق، كالمهد للصبي: وهو ما يمهد له من الفراش، فينوّم عليه، وجعل الجبال الراسيات كالأوتاد للأرض، لتسكن ولا تتحرك، وتهدأ ولا تضطرب بأهلها، كما قال تعالى: وَالْجِبالَ أَرْساها [النازعات ٧٩/ ٣٢].
٣- وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً أي وأوجدناكم أصنافا: ذكورا وإناثا، للإنس