٤- ذكر الله تعالى تصنيف الناس إلى فريقين: أبرار وفجار في كل من السورتين، وذكر مآل كل فريق، إما إلى الجنة، وإما إلى النار. قال أبو حيان: لما ذكر تعالى السعداء والأشقياء ويوم الجزاء وعظم شأن يومه، ذكر ما أعد لبعض العصاة، وذكّرهم بأخس ما يقع من المعصية، وهي التطفيف الذي لا يكاد يجدي شيئا في تثمير المال وتنميته «١».
ما اشتملت عليه السورة:
عنيت هذه السورة كسائر السور المكية بأمور العقيدة، وعلى التخصيص أحوال يوم القيامة وأهوالها، وعنيت بأمور الأخلاق الاجتماعية، وهي هنا تطفيف الكيل والميزان.
بدأت السورة بمطلع مخيف، وهو وعيد المطففين بالعذاب الشديد: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ.. [الآيات ١- ٦].
ثم أبانت أن كتاب الفجار الأشقياء في ديوان الشر، وفي كتاب مرقوم بعلامة، وأن مصيرهم أسفل السافلين في نار جهنم: كَلَّا، إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ.. [الآيات ٧- ١٧].
وأردفت ذلك على سبيل المقارنة والعبرة والجمع بين الترغيب والترهيب ببيان أن صحائف الأبرار في أعلى عليين، وأنها في كتاب مرقوم بعلامة متميزة عن صحائف الفجار: إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ.. [الآيات ١٨- ٢٨].
وختمت السورة بوصف موقف المجرمين من المؤمنين، حيث كانوا يستهزئون ويضحكون منهم في الدنيا لإيمانهم وتقواهم ربهم، ثم انعكاس هذا الموقف في الآخرة حيث صار المؤمنون يتضاحكون من الأشقياء المجرمين ويسخرون منهم،