المفردات اللغوية:
وَيْلٌ كلمة عذاب، أي شدة عذاب، في الآخرة. لِلْمُطَفِّفِينَ المنقصين، جمع مطفّف: وهو المقل حق صاحبه بنقصانه عن الحق، في كيل أو وزن، والمراد بالتطفيف هنا: إما الازدياد إن اقتضوا من الناس، وإما النقصان إن قضوهم. وسمي بذلك لأن ما يبخس شيء حقير طفيف. اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ أخذوا منهم حقوقهم. يَسْتَوْفُونَ يأخذون الكيل وافيا كاملا. كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ كالوا لهم أو وزنوا لهم. يُخْسِرُونَ ينقصون الكيل أو الوزن.
أَلا يَظُنُّ يتيقن، وهو استفهام توبيخ وإنكار وتعجب من حالهم، وعبر بالظن لأن من ظن ذلك لم يتجاسر على أمثال هذه القبائح، فكيف بمن تيقنه. لِيَوْمٍ عَظِيمٍ أي يوم القيامة، عظمه لعظم ما يكون فيه. يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ من قبورهم. لِرَبِّ الْعالَمِينَ أي رب الخلائق، والمراد: يوم يقف الناس أمام ربهم لأجل أمره وحكمه وحسابه وجزائه. قال البيضاوي:
وفي هذا الإنكار والتعجب، وذكر الظن، ووصف اليوم بالعظم، وقيام الناس فيه لله، والتعبير برب العالمين مبالغات في المنع عن التطفيف وتعظيم إثمه.
سبب النزول: نزول الآية (١) :
أخرج النسائي وابن ماجه بسند صحيح عن ابن عباس قال: لما قدم النبي صلّى الله عليه وسلّم المدينة، كانوا من أبخس الناس كيلا، فأنزل الله: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ فأحسنوا الكيل بعد ذلك.
وقال السّدّي: كان بالمدينة رجل يكنى أبا جهينة له مكيالان، يأخذ بالأوفى ويعطي بالأنقص فنزلت. وهي آخر سورة نزلت بمكة، فهي مكية في قول ابن مسعود والضحاك ومقاتل. ويقال:
إنها أول سورة نزلت بالمدينة، فهي مدنية في قول الحسن وعكرمة.
روي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قدم المدينة، وكانوا من أخبث الناس كيلا، فنزلت، فأحسنوا الكيل «١».
وهذا على أن السورة مدنية، أو قرأها عليهم بعد قدومه إن كانت مكية.