حتى صار ذلك صدا على قلوبهم، فعمّى عليهم معرفة الحق والباطل. والرين: الصدأ. ما كانُوا يَكْسِبُونَ من المعاصي، فهو كالصدأ.
كَلَّا ردع عن الكسب الزائن. يَوْمَئِذٍ يوم القيامة. لَمَحْجُوبُونَ فلا يرونه، بخلاف المؤمنين، ومن أنكر الرؤية جعله تمثيلا لإهانتهم بإهانة حجاب الملوك الذين يمنعون عن الدخول عليهم. لَصالُوا الْجَحِيمِ لداخلو النار المحرقة وملازموها. ثُمَّ يُقالُ: هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ يقول لهم الزبانية: هذا هو العذاب الذي كنتم تكذبون به.
المناسبة:
بعد بيان عظم ذنب التطفيف، وبيان سببه وهو إنكار البعث والحساب أو الغفلة عنهما، ردعهم الله تعالى عن الأمرين معا، ثم بيّن أن كل ما يعمل من خير أو شر، فإنه مكتوب مسطر عند الله، وأوعد منكري البعث المكذبين به، والقائلين بأن القرآن أساطير الأولين، وليس وحيا من عند الله، ثم زجرهم عن هذه المقولة الباطلة، وأوضح سببها وهو انغماسهم في المعاصي التي حجبت قلوبهم عن رؤية الحق والباطل، فصاروا لا يميزون بين الخير والشر، وأعقب ذلك بيان جزائهم وهو طردهم من رحمة الله ودخولهم نار جهنم وملازمتهم لها.
وقدّم ديوان الشر عن ديوان الخير لأن المذكور قبله هو وعيد أهل الفجور، فناسب إيراد حال الأشرار أولا.
التفسير والبيان:
كَلَّا، إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ أي ارتدعوا وانزجروا عما أنتم عليه من التطفيف والغفلة عن البعث والحساب، فإن الفجار ومنهم المطففون أعمالهم مكتوبة في ديوان الشر وسجل أهل النار وهو السجين، أو في حبس وضيق شديد، فكلمة سِجِّينٍ من السجن: وهو الضيق والحبس.
وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ؟ كِتابٌ مَرْقُومٌ أي وما أعلمك أنت ولا قومك


الصفحة التالية
Icon