مواطن القيامة وأهوالها، ثم يكون المصير الأخير: الخلود في الجنة أو في النار.
ونظير الآية قوله: بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ، ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ [التغابن ٦٤/ ٧]. وقوله: فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً [المزمل ٧٣/ ١٧].
ثم أنكر الله تعالى على الكفار استبعادهم البعث، فقال:
فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ أي فأي شيء أو فماذا يمنعهم عن الإيمان بصحة البعث والقيامة، وبمحمد صلّى الله عليه وسلّم، وبما جاء به القرآن، مع وجود موجبات الإيمان بذلك، من الأدلة الكونية القاطعة الدالة على قدرة الله على كل شيء، والمعجزات الظاهرة الدالة على صدق النبي صلّى الله عليه وسلّم وصدق الوحي القرآني المنزل عليه.
وهذا استفهام إنكار، وقيل: تعجب، أي اعجبوا منهم في ترك الإيمان مع هذه الآيات.
وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ أي وأيّ مانع لهم من سجودهم وخضوعهم عند قراءة القرآن الذي دل إعجازه على كونه منزلا من عند الله تعالى؟! ويكون سجودهم إعظاما وإكراما واحتراما لآي القرآن، بعد أن علموا كونه معجزا، وهم أرباب الفصاحة والبلاغة.
قد احتج أبو حنيفة رحمه الله بالآية على وجوب السجود، فإنه ذم لمن سمعه، ولم يسجد.
ثم أبان الله تعالى سبب عدم إيمانهم بالله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم واليوم الآخر، فقال: بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ أي والواقع أن الكفار يكذبون بالكتاب المشتمل على إثبات التوحيد والبعث والثواب والعقاب، إما حسدا للرسول صلّى الله عليه وسلّم، وإما خوفا من ضياع المنافع والمراكز والمناصب