ثم وعد رسوله بالنصر عليهم، وأمره بالصبر والتمهل، فقال:
فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ، أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً أي أخّرهم وأنظرهم، ولا تدع بهلاكهم، ولا تستعجل به، وارض بما يدبره اللَّه لك في أمورهم.
ثم كرر ذلك المعنى للمبالغة، فقال: أمهلهم إمهالا يسيرا قليلا، أو قريبا، وسترى ما يحل بهم من العذاب والنكال، والعقوبة والهلاك، كما قال تعالى:
نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا، ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ [لقمان ٣١/ ٢٤].
وهذا وعيد شديد، تحقق يوم بدر، ويعقبه عذاب يوم القيامة، وفيه تحذير عن مثل سيرتهم، وترغيب في خلاف طريقتهم.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١- أقسم اللَّه تعالى بالسماء (السحاب) ذات الأمطار النافعة، والأرض ذات الشقوق والصدوع التي تتصدع عن النبات والشجر والثمار والأنهار على أن القرآن يفصل بين الحق والباطل، وأنه جدّ حق ليس بالهزل، أي اللعب والباطل، وأنه منزل من عند اللَّه تعالى، وأن محمدا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.
٢- أخبر اللَّه تعالى أن أعداء اللَّه يمكرون بمحمد صلّى اللَّه عليه وسلّم وأصحابه مكرا، ويدبرون لهم مكائد إما بالقتل، أو بتوجيه التهم كالطعن بكون محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم ساحرا وشاعرا ومجنونا، أو بوصف القرآن بأنه أساطير الأولين.
٣- يجازي اللَّه أولئك الأعداء على كيدهم إما في الدنيا بالاستدراج إلى المعاصي والمنكرات من حيث لا يعلمون، وإما في الآخرة بإعداد العذاب الأليم المهين لهم. ويدفع اللَّه تعالى في الدنيا أيضا كيد الكفرة عن محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم، وينصره ويعلي دينه.