آمنوا فقد اهتدوا، وإن أعرضوا فقد ضلوا وكفروا، كما قال سبحانه: فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ، وَعَلَيْنَا الْحِسابُ [الرعد ١٣/ ٤٠].
وقوله: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ تأكيد لمهمة التذكير فقط، وتقرير لها، ونظير الآية قوله: أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ؟ [يونس ١٠/ ٩٩] وقوله: وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ، فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ [ق ٥٠/ ٤٥].
روى أحمد ومسلم والترمذي والنسائي عن جابر قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا اللَّه، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على اللَّه عز وجل» ثم قرأ: فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ «١».
إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ، فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ أي لكن من تولى عن الوعظ والتذكير، وكفر بالحق بقلبه ولسانه، فيعذبه اللَّه في الآخرة عذاب جهنم الدائم، عدا عذاب الدنيا من قتل وأسر واغتنام مال لأنه إذا كان لا سلطان لك عليهم، فإن اللَّه هو المسيطر عليهم، لا يخرجون عن قبضته وقوته وسلطانه.
أخرج الإمام أحمد عن أبي أمامة الباهلي: مرّ على خالد بن يزيد بن معاوية، فسأله عن ألين كلمة سمعها من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فقال: سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: «ألا كلكم يدخل الجنة، إلا من شرد على اللَّه شراد البعير عن أهله».
ثم أكد اللَّه تعالى وقوع البعث والحساب والعذاب، فقال:
إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ أي إن إلينا مرجعهم ومصيرهم،