فيه الطعام اليتيم القريب: وهو الصغير الذي فقد أباه، وكان قريبا في نسبه من المطعم، أو إطعام المسكين المحتاج الذي لا شيء له، ولا قدرة على كسب المال لضعفه وعجزه، كأنه ألصق يده بالتراب، لفقد المال.
فمن حرر الرقبة أو أطعم اليتيم أو المسكين في يوم المجاعة، كان طائعا للَّه، نافعا عباده، فهو من أصحاب اليمين. وهذا مثل ضربه اللَّه تعالى لمجاهدة النفس والهوى والشيطان.
قال الصاوي على الجلالين: إنما قيّد الإطعام بيوم المجاعة لأن إخراج المال فيه أشد على النفس. وقد يستدل بقوله: أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ للشافعي:
أن المسكين أسوأ حالا من الفقير، وأنه قد يكون بحيث يملك شيئا، وإلا وقع قوله: ذا مَتْرَبَةٍ تكرارا. وقد استدل أبو حنيفة بتقديم العتق على أنه أفضل من الصدقة، وعند بعضهم بالعكس لأن في الصدقة إنقاذ النفس من الهلاك فإن الغذاء قوام البدن، وأما الفك فهو تخليص من القيد في الأغلب.
أخرج أحمد عن عقبة بن عامر أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: «من أعتق رقبة مؤمنة، فهي فكاكه من النار».
وأخرج أحمد أيضا عن البراء بن عازب قال: «جاء أعرابي إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فقال: يا رسول اللَّه، علّمني عملا يدخلني الجنة، فقال: لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة، أعتق النّسمة وفكّ الرّقبة، فقال: يا رسول اللَّه، أو ليستا بواحدة؟ قال: لا، إن عتق النسمة:
أن تنفرد بعتقها، وفكّ الرقبة: أن تعين في عتقها».
وأخرج أحمد والترمذي والنسائي عن سلمان بن عامر قال: سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: «الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان:
صدقة وصلة».
ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا، وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ، وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ أي قام