وخلقها طاهرة، وخابت نفس دسّاها اللَّه، وخلقها كافرة فاجرة «١».
والظاهر التفسير الأول، بدليل ما قال ابن كثير: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها: أي فأرشدها إلى فجورها وتقواها، أي بيّن لها ذلك، وهداها إلى ما قدّر لها «٢». وقال ابن عباس: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها بيّن لها الخير والشر «٣». وهذا دليل على مبدأ الاختيار للإنسان.
ثم ذكر اللَّه تعالى جزاء ما تختاره النفس، فقال:
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها أي قد فاز بكل مطلوب، وظفر بكل محبوب من زكى نفسه فهذبها ونمّاها وأعلاها بالتقوى والعمل الصالح، وقد خسر من أضل نفسه وأغواها وأهملها وأخملها، ولم يهذبها، ولم يتعهدها بالطاعة والعمل الصالح. وهذا جواب القسم الذي افتتحت به السورة.
روى الطبراني عن ابن عباس قال: كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إذا مرّ بهذه الآية:
وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها، فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها وقف وقال: «اللهم آت نفسي تقواها، أنت وليها ومولاها، وخير من زكاها».
وروى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقرأ:
فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها: قال: «اللهم آت نفسي تقواها، وزكّها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها».
وروى الإمام أحمد عن عائشة: أنها فقدت النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم من مضجعه، فلمسته بيدها، فوقعت عليه، وهو ساجد، وهو يقول: «رب أعط نفسي تقواها، وزكّها أنت خير من زكّاها، أنت وليها ومولاها».
(٢) تفسير ابن كثير: ٤/ ٥١٦
(٣) المرجع السابق، وهذا أيضا قول مجاهد وقتادة والضحاك والثوري.