التفسير والبيان:
وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى، وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى، وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى أي أقسم بالليل حين يغطي بظلامه كل ما كان مضيئا، وبالنهار متى ظهر وانكشف ووضح، لزوال ظلمة الليل، والقادر العظيم الذي خلق الذكر والأنثى من جميع الأجناس، من الناس وغيرهم، كقوله تعالى: وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً [النبأ ٧٨/ ٨].
ولم يذكر مفعول يَغْشى للعلم به، وقيل: يغشى النهار، أو الخلائق أو الأرض أو كل شيء بظلمته.
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى هذا هو المحلوف عليه جواب القسم، أي إن أعمال العباد مختلفة متباعدة، فمن فاعل خيرا، ومن فاعل شرا، وبعض الأعمال ضلال وبعضها هدى، وبعضها يوجب الجنة، وبعضها يوجب النار.
ويقرب من هذه الآية قوله تعالى: لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ، أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ [الحشر ٥٩/ ٢٠] وقوله: أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً، لا يَسْتَوُونَ [السجدة ٣٢/ ١٨] وقوله: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ، سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ، ساءَ ما يَحْكُمُونَ
[الجاثية ٤٥/ ٢١].
ثم فصل أحوال الناس وقسمتهم فريقين، فقال:
فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى أي فأما من بذل ماله في وجوه الخير، واتقى محارم اللَّه التي نهى عنها، وصدق بموعود اللَّه الذي وعده عوضا عن الإيمان والنفقة الخيرية، فإنا نسهل عليه كل ما كلّف به من الأفعال والتروك، ونهيئه للخطة السهلة التي تؤدي به إلى الخير، ونيسر له الإنفاق في سبيل الخير والعمل بطاعة اللَّه.


الصفحة التالية
Icon