وأما الإغناء فهو الإمداد بالفضل والمال والرزق بالتجارة في مال خديجة رضي اللَّه عنها. وفي زمان الرسالة أغناه بمال أبي بكر، ثم بمال الأنصار بعد الهجرة، ثم بالغنيمة.
والحكمة في اختيار اليتم له: أن يعرف قدر اليتامى، ويقوم بحقهم وصلاح أمرهم. ثم إن اليتم والفقر نقص في حق الناس عادة، فلما صار محمد عليه الصلاة والسلام نبيا ورسولا، وأكرم الخلق، مع هذين الوصفين، كان ذلك قلبا للعادة، فكان من جنس المعجزات.
٤- أدّب اللَّه نبيه محمدا صلّى اللَّه عليه وسلّم بأن يتعامل مع الخلق مثل معاملة اللَّه معه، فأمره بألا يظلم اليتيم، ويدفع إليه حقه، ويذكر أنه كان يتيما مثله. ودلت الآية على طلب اللطف باليتيم وبره والإحسان إليه، حتى قال قتادة: كن لليتيم كالأب الرحيم.
وروي عن أبي هريرة أن رجلا شكا إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قسوة قلبه، فقال: «إن أردت أن يلين، فامسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين»
وفي الصحيح الذي رواه البخاري وأحمد وغيرهما عن أبي هريرة: أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: «أنا وكافل اليتيم له أو لغيره كهاتين» وأشار بالسبابة والوسطى.
ونهى اللَّه تعالى نبيه صلّى اللَّه عليه وسلّم عن زجر السائل وعن إغلاظ القول له، وأمره بأن يردّه ببذل يسير، أو ردّ جميل، وأن يتذكر فقره.
روي عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: «لا يمنعن أحدكم السائل، وأن يعطيه إذا سأل، ولو رأى في يده قلبين «١» من ذهب».
وقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم أيضا: «ردّوا السائل ببذل يسير، أو ردّ جميل، فإنه يأتيكم من ليس من الإنس ولا من الجن، ينظر كيف صنيعكم فيما خوّلكم اللَّه» «٢».

(١) القلب: السوار.
(٢) تفسير القرطبي: ٢٠/ ١٠١


الصفحة التالية
Icon