حركتها منه. وتقرأ بالإبدال: بجعل الهمزة ألفا تشبيها لها بما إذا كانت ساكنة، مفتوحا ما قبلها، وليس لقياس. والَّذِي يَنْهى: مفعول أول لأرأيت الأول وأ رأيت الثاني مكرر للتأكيد ولطول الكلام. وقوله: إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى مع ما عطف عليه مفعول ثان له. وجواب الشرط محذوف يدل عليه جواب الشرط الثاني وهو قوله: أَلَمْ يَعْلَمْ. ويجوز أن يكون أَرَأَيْتَ الثالث أيضا مكررا. وجواب الشرط بالحقيقة هو ما تدل عليه هذه الجملة الاستفهامية وهي: أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى كأنه قيل: إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أو كذب وتولى، فإن اللَّه مجازيه.
لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ، ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ نون نسفعن نون التوكيد الخفيفة، وتكتب بالألف عند البصريين كالتنوين، وبالنون عند الكوفيين، وهي مكتوبة في المصحف بالألف، كمذهب البصريين، مثل: وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ [يوسف ١٢/ ٣٢] وليس في القرآن لهما نظير. ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ: بدل من الناصية، وهذا بدل النكرة من المعرفة.
فَلْيَدْعُ نادِيَهُ أي أهل مجلسه، أهل ناديه، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
البلاغة:
أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً؟ كناية، كنى بالعبد عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، ولم يقل: ينهاك تفخيما لشأنه وتعظيما لقدره. وأَ رَأَيْتَ استفهام للإنكار والتعجب، وهي بمعنى أخبرني.
أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى؟ استفهام للتعجيب من حال الناهي الذي ينهى.
ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ مجاز عقلي، أسند الكذب والخطأ إلى الناصية مجازا، والمراد صاحبها لأنه السبب.
فَلْيَدْعُ نادِيَهُ مجاز مرسل علاقته المحلية، أي أهل ناديه، بإطلاق المحل وإرادة الحال.
المفردات اللغوية:
أَرَأَيْتَ؟ أي أخبرني، وهي في المواضع الثلاثة للتعجب، والمراد من الاستخبار: إنكار الحال المستخبر عنها وتقبيحها، مثل: أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ؟ [الماعون ١٠٧/ ١].
الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى الناهي: هو أبو جهل، والعبد: هو النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم. والمعنى: أخبرني عمن ينهى بعض عباد اللَّه عن صلاته إن كان ذلك الناهي على طريقة سديدة فيما ينهى عنه من عبادة اللَّه، أو كان آمرا بالمعروف والتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقد، وكذلك إن كان على التكذيب للحق والتولي عن الدين الصحيح كما نقول نحن؟!