الصلوات للَّه في أوقاتها، وبذل الزكاة للمحتاجين، هو دين الملة المستقيمة.
وقوله: وَما أُمِرُوا أي وما أمروا في التوراة والإنجيل إلا بالدين الحنيفي، أي أن المشروع في حقهم مشروع في حقنا. والأولى أن يكون المراد كما ذكر الرازي: وما أمر أهل الكتاب في القرآن أو على لسان محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم إلا بهذه الأشياء، لأن الآية على هذا التقدير تفيد شرعا جديدا، وحمل كلام اللَّه على ما يكون أكثر فائدة أولى، ولقوله تعالى: حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ أي محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم، ولأن اللَّه تعالى ختم الآية بقوله: وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ وهو شرع محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم.
وهذه الآية دالة على أن التفرق والكفر فعلهم بدليل قوله: إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ. والمقصود من هذه الآية تسلية الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم، أي لا يحزنك أو لا يغمّنك تفرقهم، فليس ذلك لقصور في الحجة، بل لعنادهم، وهكذا كان سلفهم تفرقوا في السبت وعبادة العجل بعد قيام البينة عليهم، فهي عادة قديمة لهم.
وقوله: لِيَعْبُدُوا اللام في موضع (أن) أي إلا أن يعبدوا، والعرب تجعل اللام في موضع (أن) في الأمر والإرادة كثيرا، مثل قوله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ [النساء ٤/ ٢٦] وقوله: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا [الصف ٦١/ ٨] وقال في الأمر: وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ [الأنعام ٦/ ٧١].
وبما أن الإخلاص: عبارة عن النية الخالصة، والنية معتبرة، فقد دلت الآية على أن كل مأمور به، فلا بد وأن يكون منويا. قالت الشافعية: بما أن الوضوء مأمور به في قوله تعالى: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة ٥/ ٦] ودلت هذه الآية على أن كل مأمور يجب أن يكون منويا، فيلزم من مجموع الآيتين وجوب كون الوضوء منويا. وعلى هذا لا بد في المأمورات من