بِأَنَّ رَبَّكَ أي تحدّث بسبب أن ربك أَوْحى لَها أمرها بذلك، والوحي: الإلهام بخفاء، يقال: أوحى له وإليه، ووحي له وإليه: كلّمه خفية أو ألهمه. يَصْدُرُ النَّاسُ يخرجون من قبورهم إلى موقف الحساب. أَشْتاتاً متفرقين متمايزين بحسب مراتبهم وأعمالهم.
لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ يروا جزاء أعمالهم من الجنة أو النار، ذَرَّةٍ الذرة: الهباء الذي يرى في ضوء الشمس الداخل من نافذة، أو النملة الصغيرة، ومِثْقالَ ذَرَّةٍ زنة نملة أو هباء، وهو مثل في الصغر. خَيْراً يَرَهُ يرى ثوابه. شَرًّا يَرَهُ يرى جزاءه. وقوله: فَمَنْ يَعْمَلْ..
تفصيل لِيُرَوْا.
سبب النزول: نزول الآية (٧، ٨) :
فَمَنْ يَعْمَلْ..: أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: لما نزلت: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ الآية، كان المسلمون يرون أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل، إذا أعطوه، وكان آخرون يرون أنهم لا يلامون على الذنب اليسير: الكذبة، والنظرة، والغيبة، وأشباه ذلك، ويقولون: إنما وعد اللَّه النار على الكبائر، فأنزل اللَّه: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ.
وقد سمّى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم هذه الآية: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ..
الجامعة الفاذّة
، حين سئل عن زكاة الحمر،
فقال فيما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة: «ما أنزل اللَّه فيها شيئا إلا هذه الآية الفاذّة الجامعة: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ «١» ».
وقال مقاتل: نزلت هذه الآية في رجلين، وذلك أنه لما نزل:
وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ كان أحدهما يأتيه السائل، فيسأل أن يعطيه التمرة والكسرة والجوزة، ويقول: ما هذا بشيء، وإنما نؤجر على ما نعطي.