إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ أي لكفور جحود نعمة اللَّه تعالى عليه، والمراد به جنس الإنسان المتحدث عنه، وقيل: المراد به هنا: الكافر. وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ أي وإنه على كنوده لشاهد، يشهد على نفسه بصنعه، لظهور أثره عليه. وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ المال لقوله تعالى: إِنْ تَرَكَ خَيْراً [البقرة ٢/ ١٨٠]. لَشَدِيدٌ لبخيل، أو لشديد الحب له، فيبخل به.
بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ أثير وأخرج ما في القبور من الموتى، أي بعثوا. وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ جمع محصلا وأظهر وبيّن ما في القلوب من الكفر والإيمان، والشر والخير والعزائم والنوايا، وتخصيص ذلك لأن القلوب هي الأصل. إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ لعالم، فيجازيهم على كفرهم. ويلاحظ أنه أعيد الضمير: إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ جمعا، نظرا لمعنى الإنسان. وهذه الجملة:
دلت على مفعول يعلم، أي إنا نجازيه حينئذ. وتعلق (خبير) ب يَوْمَئِذٍ مع أنه تعالى خبير دائما بكل شيء لأنه يوم المجازاة.
سبب النزول: نزول الآية (١) :
أخرج البزار وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس قال: بعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم خيلا، ولبثت شهرا، لا يأتيه منها خبر، فنزلت:
وَالْعادِياتِ ضَبْحاً.
التفسير والبيان:
وَالْعادِياتِ ضَبْحاً، فَالْمُورِياتِ قَدْحاً، فَالْمُغِيراتِ أي قسما بالخيل التي تجري وتعدو بفرسانها المجاهدين في سبيل اللَّه إلى العدو، ويسمع لها حينئذ صوت زفيرها الشديد وأنفاسها المتصاعدة، بسبب شدة الجري. وتخرج شرر النار بحوافرها أثناء الجري بسبب اصطكاك نعالها بالصخر أو الحجر وتغير أو تهجم على العدو وقت الصباح.
فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً، فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً فهيجن في الصبح أو مكان معترك الخيول غبارا يملأ الجو، ثم توسطن بعدوهن جمعا من الأعداء، اجتمعوا في مكان، ففرّقنه أشتاتا.