البلاغة:
وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ؟ الاستفهام للتفخيم والتهويل، وكذلك: وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ؟.
الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ وضع الظاهر موضع الضمير للتخويف والإرهاب، والأصل أن يقال: القارعة ما هي؟
يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ تشبيه مرسل مجمل، ذكر فيه أداة التشبيه، وحذف وجه الشبه، وهو: في الكثرة والانتشار، والضعف والهوان. ومثله: كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ أي في تطايرها وخفة تناثرها.
فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ بينهما مقابلة.
فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ مجاز عقلي إذا أريد بالراضية اسم الفاعل، أي راض بها صاحبها.
فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ.. وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ.. فيهما احتباك: وهو أن يحذف في كلّ نظير ما أثبته في الآخرة، حذف من الأول (فأمه الجنة) وذكر فيها عِيشَةٍ راضِيَةٍ وحذف من الثانية (فهو في عيشة ساخطة) وذكر فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ.
الْقارِعَةُ، راضِيَةٍ، هاوِيَةٌ، ما هِيَهْ، حامِيَةٌ سجع مرصّع.
المفردات اللغوية:
الْقارِعَةُ من أسماء يوم القيامة، سميت بذلك لأنه تقرع القلوب والأسماع بأهوالها وأفزاعها الشديدة، من القرع: الضرب بشدة. وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ ما أعلمك، وهو زيادة تهويل لها. كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ أي كالفراش المنتشر المتفرق في الكثرة والانتشار، والذلة والاضطراب، يموج بعضهم في بعض للحيرة، إلى أن يدعوا للحساب. والفراش: طائر معروف أحمق يتهافت على النار.
وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ كالصوف المندوف في خفة سيرها وتبددها، حتى تستوي مع الأرض. ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ بأن رجحت حسناته على سيئاته. فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ ذات رضا أو مرضية لصاحبها في الجنة. خَفَّتْ مَوازِينُهُ بأن رجحت سيئاته على حسناته. فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ فمسكنه أو مأواه الذي يأوي إلى نار جهنم. ما هِيَهْ ما هي النار؟ وهاء هيه للسكت تثبت وصلا ووقفا. والهاوية: من أسماء جهنم. نارٌ حامِيَةٌ أي هي نار شديدة الحرارة.


الصفحة التالية
Icon