وهي أيضا كائنة في أعمدة ممددة طويلة موثّقة. قال مقاتل: أطبقت الأبواب عليهم، ثم شدّت بأوتاد من حديد، فلا يفتح عليهم باب، ولا يدخل عليهم روح.
والآية تفيد المبالغة في العذاب بقوله: لَيُنْبَذَنَّ أي أنه موضع له قعر عميق جدا كالبئر، وأن أبوابها لا تفتح ليزيد في حسرتهم، وتغلق إغلاقا محكما للتيئيس من الخروج منها، وممددة في أعمدة دائمة اللهب، فلا أمل في إطفائها أو تخفيف شدة حرارتها.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
١- الخزي والعذاب والهلكة لكلّ مغتاب عيّاب طعّان للناس.
قال النّبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: «شرار عباد اللَّه تعالى المشاؤون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون البراء العيب» «١».
٢- كأن سبب الهمز واللمز والترفع على الناس وازدرائهم هو المال وطول الأمل، لأن الغنى يورث الإعجاب والكبر، وعدّ المال من غير ضرورة دليل على المتعة النفسية والزخرفة الدنية، والانشغال عن السعادة الباقية، ولأن المال يطول الأمل، ويمنّي بالأماني البعيدة، حتى أصبح لفرط غفلة صاحب المال يحسب أن ماله يتركه خالدا في الدنيا.
٣- ردع اللَّه تعالى عن كل هذه المزاعم والتحسبات، فالمال لا يرفع القدر، ولا يقتضي الطعن بالآخرين، وليس المال كما يظن مخلّدا في الدنيا، بل المخلّد هو العلم والعمل، كما قال علي رضي اللَّه عنه: مات خزّان المال، وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر.