صغار، وجعلهم كعصف مأكول، أي كبقايا الزرع بعد الحصاد الذي تأكله الماشية، وتعصف به الريح في كل مكان.
أضواء من التاريخ على قصة أصحاب الفيل:
كان على اليمن قائد من قبل أصحمة النجاشي (ملك الحبشة) واسمه أبرهة بن الصباح الأشرم جدّ النجاشي الذي عاصر النّبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قد بنى كنيسة عظيمة سمّاها «القلّيس» ليصرف إليها حج العرب، فقام رجل من كنانة وتغوط فيها ليلا، فأغضبه ذلك، وأقسم ليهدمن الكعبة، مستغلا هذا الحادث، ومريدا في الواقع فتح مكة لربط اليمن ببلاد الشام، وتوسيع بلاد النصرانية.
فجهز جيشا عظيما، مصحوبا بفيلة كثيرة قيل: اثنا عشر، وقيل: ألف، زيادة في الإرهاب والتخويف، وسار حتى وصل إلى «المغمّس» موضع قرب مكة، فأرسل إلى أهل مكة يخبرهم أنه لم يأت لحربهم، وإنما جاء لهدم الكعبة، فاستعظموا الأمر، وفزعوا له، وأرادوا محاربته، فرأوا ألا طاقة لهم بأبرهة وجنوده، واعتصموا بالجبال ينظرون ماذا يحدث، واثقين بأن للبيت ربّا يحميه.
ولما اقترب الجيش من مكة أمر أبرهة بنهب أموال العرب، وكان فيها إبل لعبد المطلب بن هاشم جدّ النّبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، فاستاقها الجند، وكان عددها مائتي بعير، وبعث أبرهة حناطة الحميري إلى مكة وأمره أن يأتيه بأشرف قريش وأن يخبره أن الملك لم يجئ لقتالكم إلا أن تصدّوه عن البيت، فجاء حناطة، فدلوه على عبد المطلب بن هاشم، وبلّغه عن أبرهة ما قال، فقال له عبد المطلب: واللَّه ما نريد حربه، وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت اللَّه الحرام، وبيت خليله إبراهيم، فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه، وإن يخلي بينه وبينه، فو اللَّه ما عندنا دفع عنه، فقال له حناطة: فاذهب معي إليه، فذهب معه، فلما رآه أبرهة أجلّه، وكان عبد المطلب رجلا جسيما حسن المنظر، فنزل أبرهة عن سريره،