وكان لهذه الهزيمة أثر كبير في التاريخ وبين العرب، فأعظموا قريشا، وقالوا: هم أهل اللَّه، قاتل اللَّه عنهم، وكفاهم العدو، وازدادوا تعظيما للبيت، وإيمانا بمكانه عنه اللَّه «١».
وأراد اللَّه بهذا الحادث تعظيم بيته، وإعلاء شأنه، وتهيئة أمة العرب لحمل رسالة الإسلام إلى العالم كله.
وكان ذلك الحدث التاريخي المهم في عام ميلاد النّبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، سنة ٥٧٠ م، أي كان بين عام الفيل ومبعث النّبي صلّى اللَّه عليه وسلّم أربعون سنة. وكان قد بقي بمكة جمع شاهدوا تلك الواقعة، وقد بلغت حدّ التواتر حينئذ، فما ذاك إلا إرهاص للرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم.
قصة أصحاب الفيل
[سورة الفيل (١٠٥) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤)
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)
الإعراب:
أَلَمْ تَرَ معناه الإيجاب أي قد علمت لأن همزة الاستفهام لما دخلت على لَمْ وهي حرف نفي، والاستفهام كالنفي، اجتمع نفيان، فلما دخل النفي على النفي، انقلبت إيجابا.
وكَيْفَ: في موضع نصب بفعل بعده، ولا يجوز أن يعمل فيه تَرَ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، وإنما يعمل فيه ما بعده. وجملة كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ سدت مسدّ مفعولي تَرَ لأنها من رؤية القلب بمعنى العلم، نحو: رأيت اللَّه غالبا. ورَبُّكَ: فاعل فَعَلَ.
(١) المرجع السابق: ص ٥٧


الصفحة التالية
Icon